إنعدام التلذذ

0


في شريحة كبيرة من الناس مش بتعرف تفرق بين مصطلح الحزن Sadness و مصطلح الإكتئاب Depression , مع ان في أختلاف كبير بين الأتنين ,, 

فالحزن ده شعور , و شعور طبيعي جدا انه يحصل مع اي حد , و دايما في سبب للحزن ده ... علي عكس الأكتئاب و اللي مش مجرد شعور أنما مرض ! و مش اي حد حزين يبقي مكتئب , و للأسف الأكتئاب ممكن يحصل من غير اي سبب واضح ,, فمريض الأكتئاب مريض مزمن , فهو مش شخص حزين لو تلاشي سبب الحزن حيرجع عادي , أنما فيه اعراض بتفضل ملازمة المكتئب لفترات طويلة , منها خلل في عملية النوم , انحراف في عملية حفظ الذكريات , و حاجة مهمة جدا أسمها الـ Anhedonia ( إنعدام التلذذ ) 

الموضوع بيبتدي في نهاية القرن الـ 19 , لما عالم النفس الفرنسي Théodule-Armand Ribot لاحظ ان مرضي الأكتئاب بيعانوا من ظاهرة غريبة مشتركة , و هي عدم قدرتهم علي المتعة , فالحالة مش حزن و مش فرحة , أنما حالة فراغ ! , فالـ Anhedonia يعني أنتا مش قادر تتفاعل باي شكل , لا بالايجاب و لا حتي بالسلب .. فبتفقد أهم حاجة بتميزك ككائن حي و هي التفاعل مع الوسط اللي انتا عايش فيه ,, زي اي جماد موجود بكاينه المادي بس مش عايش ! 

بس أيه اللي يوصل المكتئب لحالة عدم التلذذ ديه ؟! يعني ايه اللي بيحصل في مخ مريض الأكتئاب عشان يأدي لكدة ؟! .... خلينا نقول ان في مراكز في المخ مسؤولة علي ترجمة شعور اللذة من خلال هرمونات معينة بتتفرز أسمها brain's reward system .. فمثلا أنا شوفت حبيبتي فعلطول المركز ده حيطلع مادة معينة زي الـ dopamine حيقولي أفرح ,, بس في مريض الأكتئاب مش ده اللي بيحصل , و السبب هو ان المراكز ديه بتكون اتضربت او باظت .. فهو شخص وصل بيه حد اليأس ان حتي مسببات السعادة مبقتش تفرق معاه , فحتي لو شاف اي حاجة زمان كانت بتبسطه و لو كانت حبيبته برضة مش حيحس باللذة .. 

المدون " أحمد مختار عاشور" كان له جملة بتقول : (( عندما أضحك، أشعر أن شخصاُ بداخلي ینظر إلي بمنتھى القرف ! )) , و اللي من وجهة نظري ديه من أكتر الجمل اللي قدرت تعبر عن الـ Anhedonia ..فمريض الأكتئاب مشكلته مش انه مجرد حزين , لا ده انتا ممكن تلاقيه مبتسم و وشه عادي جدا ..بس جواه فيه كم بشع من الطاقة المظلمة مش سامحة له باي بهجة او فرحة , .. فهو أسير الأكتئاب .. لا قادر يخرج براه , و لا حتي بيقاوم لاي بصيص حياة يدخل ينور العتامه اللي جوا .. فمفيش لذة , مفيش متعة , مفيش تفاعل ! .. فهو تحت سيطرة الفراغ الأسود ..

أتكون الطفله ملحده ؟

0


مقال د. نوال السعداوي اللي أتمنع من النشر في جريدة الأهرام :

منذ طفولتي أتطلع الي الفضاء ، أحاول رؤية العفاريت التي أسمع أنها تختفي هناك ، وكانت عيناي، رغم نفاذهما ، لا تريان إلا النجوم بالليل والعصافير بالنهار 

لأول مرة في حياتي سمعت كلمة " الله" ، تخرج من فم جدي ( والد أمي ) مشوبة بنكهة تسميها جدتي مشروبات روحية ، تمط بوزها في وحه زوجها وتهمس في أذني : جدك لا يعرف الله ويضيع الفلوس علي النساء والخمر ، ولم يكن جدي الآخر ( والد أبي) يختلف عن والد أمي فيما يخص النساء والمسكرات ، لكنه مات قبل أن أولد ، لحسن حظي ، وسمعت عمتي تقول أن جدتي أطلقت زغروتة ممدودة للسماء بعد موت جدي ، 
أما أبي فكان رجلا مستقيم الأخلاق ، لا يسكر ولا يخون أمي ، وسمعته يقول أن الله هو الصدق والاخلاص والعدل والحرية والحب والجمال ، وأنه كامن علي شكل "الضمير الحي" داخل كل إنسان ، رجل أو إمرأة ، دون تفرقة بينهما ، هكذا أصبح الإيمان ، في نظري ، هو العدل والصدق والحرية والحب والجمال والمساواة بين البشر ، 
وإتهمني المدرس في طفولتي بالإلحاد لأن إيماني يختلف عن إيمانه ، وكان يؤمن أن الأولاد أفضل من البنات ، ويري الله علي شكل حروف مطبوعة في الكتاب ، ثم يطلب مني حفظها عن ظهر قلب دون فهم ، وفي يوم رآني أكتب إسم أمي علي كراستي بدلا من إسم جدي ، فطردني من الفصل ، وأصبح عندي الوقت لأقرأ الكتب خارج المقرر المدرسي لحسن حظي ،

كان سيجموند فرويد يعتبر الأديان ظاهرة بشرية بدأت تاريخيا بشكل عصاب جماعي ، أما إريك فروم فقد تجاوز الحدود النفسية للظواهر الدينية ، وحاول الدخول الي المجالات السياسية والاجتماعية والفلسفية ، ويستمر الأطباء والعلماء في بحوثهم ، داخل النفس البشرية وخارجها ، لمعرفة أسباب الإيمان الديني وعدم الإيمان ، أو ما يسمونه : الإلحاد 
مع تصاعد التيارات السياسية الدينية في هذا القرن الواحد والعشرين ، صدرت الكثير من الكتب عن الإلحاد ، وكأنه مرض نفسي يغزو الشباب ، وعلاجه عند الطبيب ، وأدت هذه الأفكار الي إثراء الأطباء ، وإفقار العقل المصري ، 
قرأت مؤخرا لطبيب مصري يؤكد أن الإلحاد مرض نفسي ، يعني عدم الإيمان بالرب خالق الكون كما جاء في الكتاب ، وأكد أيضا أن علم نشوء الكون ليس علما ، ونظريات التطور ( التي تنكر نظرية الخلق الدينية) باطلة ونوع من الإلحاد ، وأن هذا الإلحاد ينتشر بين الشباب مثل الاكتئاب وأنفلونزا الخنازير ،
يروج لهذه الأفكار بعض أطباء النفس ، لا تختلف أفكارهم كثيرا عن رجال الدين التقليديين ، ورثوا دينهم عن الآباء والجدود ، لم يعرفوا إلا القليل عن العقائد والأديان المختلفة في العالم ، يتصورون أن الإلحاد هو عدم الإيمان بما آمنوا به ، وأنه نقصان في العقل أو مراهقة فكرية وإحساس بالنقص ، أو غرور أحمق و سعي وراء الشهوات ، 
أربعة مليار من البشر ( أكثر من نصف سكان الأرض ) لا يؤمنون بأي دين ، يعيشون في الصين والهند واليابان ، لا يسعون وراء الشهوات بل وراء العمل المنتج المتقن ، يتمتعون بكفاءة عقلية عالية ، وثقة بالنفس كبيرة ، جعلت بلادهم تتفوق علي بلاد العالم ، 
وأكثر من نصف الشعوب في أمريكا وأوروبا ، لم يرثوا الدين ، ولم يلقن لهم في المدارس ، لكن تربي عندهم ضمير حي ، منذ الطفولة ، وإيمان بالعدل والمساواة والحرية والكرامة ، يخرجون في مظاهرات ضد حكوماتهم ، أو ضد أي حكم ظالم مستبد في أي بلد في العالم ، 

وهناك ملايين ورثوا دينهم في العائلة ، وتم تلقينه لهم منذ الطفولة في المدارس ، وأصبحوا يؤمنون أنه الحقيقة المطلقة وغيره باطل ، ولم تعد لديهم القدرة علي التفكير بطريقة أخري ،

تحتاج القوي السياسية الحاكمة ( شرقا وغربا) للعقائد والأديان ، من أجل السيطرة علي عقول الشعوب وتقسيمهم طائفيا ، ويحتاجها الإنسان (الفرد ) أيضا ، لتحمل مأساة موته ، وقد تطور المخ لدي الإنسان فأدرك أنه سيموت حتما ، لا فرق بينه وبين النباتات والحيوانات ، لكن مخ هذه الكائنات ، لم يتطور مثل مخ الانسان ، ولم يصل الي الوعي بحقيقة الموت أو العدم ، ، 
يحاول الإنسان عن طريق خياله إنكار العدم ، يتصور نفسه موجودا في حياة بعد الموت ، هذه المسافة بين الخيال والحقيقة ، أو بين الحلم والواقع ، مرحلة في عمر التطور أو التاريخ البشري اللانهائي ، يجتازها الإنسان بالإبداع الفني والديني أيضا ،
لا ينبع الخيال من الفراغ ، بل من خلايا الفص الأمامي للمخ ، حيث تتمركز المشاعر والأحاسيس وذكريات الطفولة والمواهب الفنية والفكرية ،
وتسعي البحوث العلمية الجديدة لكشف الشفرات الجينية وأسرار المخ البشري وقدراته المذهلة علي الخيال واكتشاف حقائق الطبيعة وقدرات الانسان ، 
من كان يحلم باستخدام الالكترونات للتواصل فوق كوكب الأرض في زمن أقل من غمضة عين ؟ ومن كان يتخيل الالكترونات في الفضاء ، الذي كان في طفولتنا ملئيا بالعفاريت ؟ ، 
وإن أنكرت الطفلة وجود العفاريت وآمنت بأن الله هو العدل والمساواة والصدق والحرية والحب والجمال فهل تكون ملحدة ؟؟؟

قوة الألم

0



الحياة بطريقة صحيّة وآمنة أفسدت الأدب. سأقولها مرة أخرى: الحياة بطريقة صحيّة وآمنة أفسدت الأدب. لماذا؟
لأنه مع كل صيحة جديدة من صيحات الحفاظ على اللياقة والصحة -الحمية، حصص اليوغا، الفيتامينات، وجلسات التأمل والتعافي- مع كل كاتب إضافي يهتم بصحته، يسقط الأدب في حفرة عميقة من السوء والفشل. ألم نتعلم شيئًا من محاضرات الأدب التي تلقيناها عندما كنّا طلابًا؟ هل نملك ذاكرة متعجرفة إلى هذا الحد، لدرجة نسياننا للعوامل المهمة التي تصنع أعظم الكتّاب؟ البؤس. العذاب. اليأس. وليس الإندروفين وهرمونات السعادة.
فكّر قليلًا. هل كان بإمكان كافكا أن يكتب “المسخ” لو كان مشغولًا بتناول وجباته الصحيّة والتمرّن يوميًا لماراثون ما يريد المشاركة به؟ هل بإمكان ڤيرجينيا وولف أن تكتب “إلى المنارة” لو كانت تذهب إلى حصص الزومبا، وتخلط عصائر الفواكه كل صباح؟ لا. الحقيقة هي أن الأدب العظيم يحتاج إلى معاناة عظيمة.
الآن، يقف بعضكم في هذا العالم ويقودهم التفكير أنهم قد ينجحون في كتابة الرواية المذهلة القادمة التي ستدهش الجميع. ولكني سأختصر عليك الطريق، لن تتمكن من فعلها -خاصةً إن كنت تتبع الوصفة الأمريكية للصحة والسعادة. ما يجب عليك فعله الآن هو أن تدع ذاتك الطفولية جانبًا وتتصل بروحك المعذبة بدلًا منها. عد إلى جذور الأعمال الأدبية عبر التاريخ وستجد الألم بانتظارك. ولمساعدتك في خوض هذه الرحلة، أعددت لك هذا الدليل الصغير، بإمكانك طباعته ووضعه في جيبك لتتذكره دائمًا:
- قصة كارثيّة في الطفولة:
مهنتك كصاحب روح معذبة تبدأ بقصة كارثيّة حدثت لك في الطفولة. ربما قُتل والدك. أو ربما رأيت منظرًا مروعًا في إحدى الغابات. مهما كانت كارثتك، احرص على تدوين تفاصيلها، وعرّج عليها في كتابتك كلما وجدت الفرصة. وإن كنت أحد تلك الأرواح السيئة الحظ التي لا تملك ذكريات مأساوية في طفولتها، إن كنت قد ترعرعت وسط عائلة محبة، ولم تتعرض لاغتصاب من معلميك في المدرسة أو زملائك، فلا تيأس. أنت كاتب. بإمكانك اختلاق القصص دائمًا.
- زواج تعيس، علاقة تعيسة:
إن كنت في زواج تعيس أو علاقة تعيسة، فأهنئك على هذا. لقد اختصرت طريقًا طويلًا على نفسك. وإن لم تكن قد حظيت بهذه التجربة التعيسة بعد، فأنصحك بالدخول إلى موقع BadMatch.com وبناءً على بياناتك الشخصية، سيجد الموقع العلاقة البائسة التي تبحث عنها بالضبط. ولكن احذر، لا تختر السم المناسب لك إلا بعد تفكير طويل. العلاقة الخاطئة بإمكانها أن تحولك إلى مخبول، وبإمكانها أن تحول شريكك إلى كاتب ناجح!
- تعاطي المخدرات:
لا تفكر حتى بأن تصبح كاتبًا حقيقيًا دون أن تنغمس في تعاطي المخدرات. ولا تظن أنه بإمكانك اختيار أي نوع منها. عليك أن تختار المخدر المناسب للعذاب المناسب. اختر الكحول إذا كنت تريد أن تصبح كاتبًا مظلمًا، غاضبًا، مستعدًا للنزاعات الأدبية دائمًا، يكتب بشكل رنان، ويعاني من العجز الجنسي. اختر الكوكايين إذا كنت تريد أن تصبح كاتبًا سريعًا، وشخصية اجتماعية سطحية يعرفها الجميع، يكتب عن زملائه متعاطي الكوكايين الآخرين. اختر الكريتسال ميث إذا كنت تملك أسنانًا سيئة من الأساس. وتذكر دائمًا: التعافي من كل هذا يصنع قصة إنسانية رائعة. “هابطًا في دوّامة الجنون والكوكايين.” لقد حصلت عنوان روايتك القادمة!
- الدَين:
في عصر البطاقات الائتمانية والشراء الإلكتروني، ما أسهل أن تثقل كاهلك بالديون. الكثير من الكتّاب سيقترضون القليل من المال في البداية، لشراء أشياء لا يحتاجونها، أو للذهاب في رحلات لا يستطيعون تحمل تكاليفها. ولكن هذه طريقة خاطئة ولا تحدث الضرر الكافي. الدين هو الدين. لا يهم إن أغرقت نفسك فيه ببطء أو بسرعة جنونيّة. المهم أن تنغمس فيه بقدر استطاعتك. لذلك قم ببيع تأمينك الصحي، وتسكّع مع أصدقائك المرضى دون الخوف من الإصابة بالعدوى. خذ قرضًا لإتمام دراستك في كلية الطب. ولا تذهب طبعًا لأيٍ من تلك المحاضرات. اشتر كل ما تعرضه الإعلانات في فواصل مباريات دوري كرة القدم. ثم اجلس بهدوء على أريكتك، ودع الدين يسحقك بكل قوته. أليس هذا الألم رائعًا؟
- الأمراض:
لا أحد يريد أن يصاب بالأمراض. ولكننا رغم هذا نحتفظ بكل التقدير للفنانين المعذبين المصابين بالأمراض. ماذا سيتبقى لنا من الحب تجاه ووردزورث وبرونتي لو لم يكونا مصابين بمرض السل؟ وما نوع الفردوس الذي بإمكان جون ملتون تخيله لو لم يكن أعمى؟ لا أستطيع نصحك بأن تذهب وتلتقط أي مرض عضال أمامك. ولكن إن استطعنا أن نحصل لك على بعض الفطريات في قدمك، أو على التهاب فظيع في جيوبك الأنفية، سيساعدك هذا حتمًا للوصول إلى الوصف الأعلى لذاتك الإنسانيّة المعذبة.
- الرفض:
لا شيء يعذّب الروح، أكثر من الرفض. ولا أحد يحب جذب الرفض نحوه أكثر من الكاتب. عدد هائل من الصحفيين، المحررين، العملاء، والأصدقاء يقفون مستعدين في صف واحد ليقذفوا بالرفض في وجهك في أية لحظة. ولكن أفضل أنواع الرفض هو ذلك الذي يأتي في قطعة ورق صغيرة أو في رسالة بريد إلكتروني مقتضبة، من مجلة أدبية ربما أو من صحيفة يومية، انتظر محررها ثمانية أشهر حتى يتفضّل عليك بالرد ويخبرك في النهاية أنه لا يريد نشر عملك. لماذا؟ لأنه بإمكانك طبع هذه الرسائل وجمعها كبطاقات البريد. بإمكانك أن تعلقها على جدران حمّامك. أو تصنع منها روزنامة رفض، لأنها الهدية المثالية لكاتبٍ يشعر دائمًا بأنه عديم الفائدة.


هذا كل ما لدي. اذهب الآن، واجعل من العذاب ربّة إلهامك ... 

مقالة للكاتب Chris Abouzeid صاحب كتاب Anatopisis , ترجمة المدون محمد الضبع

التعامي المقصود

0


بتحكي الكاتبة الكبيرة Margaret Heffernan في واحدة من محاضرتها , عن قصة ست أسمها " Gayla Benefield" غايلا بنفيلد ,, غايلا ديه كانت واحدة في حالها جدا عايشة مع أبوها و أمها في بيت بسيط و هادي ,, لكن بعد فترة أبوها أتوفي و بعده أمها , و عدد من سكان المنطقة اللي كانت عايشة فيها أبتدوا يموتوا فجأه .. بعد البحث , أكتشفت غايلا أن المنطقة اللي هي عايشة فيها موجودة علي قرب من منجم Vermiculite ( فيرميكيوليت ) و ديه مادة ضارة جدا ,, فأبتدت تندد بالموضوع ده و تهاجمه , و كانت متخيلة أن باقي أهل المنطقة حيشجعوها و يساعدوها , بس حصل العكس ؟!!! بدل ما يهاجموا وجود المنجم هاجموا غايلا !

الـ Willful blindness ( التعامي المقصود ) ,, و ديه ظاهرة موجود بين البشر لما يقرر العقل البشري يعمل نفسه مش واخد باله بأرادته ! ففي منجم مضر قريب منك , لا أنا مش شايفه ! في فساد و ظلم في المكان اللي أنتا عايش فيه , لا مفيش حاجة !! .. حتي علي مستوي حياتنا الأجتماعية البسيطة ,, البنت ديه بتحاول تستغلك , لا محدش بيستغلني .. الولد ده بيلعب بمشاعرك , لا أنتوا مش فاهمين حاجة !! ... و يبقي الأنسان ضحية التعامي المقصود .. قاصد بكل وعيه أنه ميشوفش الحقيقة !! .. بس ليه ؟!

في محاضرتها قالت الكاتبة Margaret Heffernan جملة رائعة و هي : “we could know, and should know, but don’t know because it makes us feel better not to know" بمعني " أحنا نقدر نعرف و لازم نعرف ! بس أحنا بنختار عدم معرفتنا , عشان ده بيخلينا نحس أننا أفضل " ... فهو ده ببساطة السبب , أن جهلنا بالأمور اللي مش علي مزاجنا بيحمينا من عبء رفضها او التفكير في تغييرها ... فالأنسان في " التعامي المقصود " بيتجنب شعوره بالألم أنه واقع تحت ضغط و مش قادر يعمل فيه حاجة , فبيتعامل أن مفيش أي مشاكل أو ضغوطات .. و لو وصلت أنه يقنع نفسه أن الحياة كويسة و جميلة و يهاجم اللي مستمر يفتح عينه علي المشاكل و الواقع الصعب ,, و كل ده عشان يقدر يعيش !! .. فتخيل في حكاية " غايلا بنفيلد " , أنتا كمواطن عرفت أن في منجم لمادة ضارة قريب منك و أن ده بيسبب خطورة عليك ! تخيل حجم التوتر القلق اللي أنتا حتكون فيه ! تخيل المجهود الذهني و النفسي و أنتا بتفكر في حلول للوضع ده , تخيل اللي ممكن يحصلك لو المنجم ده في ناس بتشتغل و انتا بتقولهم معلش يا جماعه نقفله عشان ده خطر! , أو لو المنجم ده تبع الدولة و انتا بتقول نتظاهر و نعترض و أنتا عارف أخرة اللي بيعترض علي حاجات الدولة ! طب و ليه كل ده لما ممكن تعمل نفسك مش شايف مشاكل المنجم أصلا !!؟
في النهاية حذكر مقولة للشاعر الألماني " مارتن نيمولر " , و اللي كان معروف عنه هجومه للنازية في عز قوتها : 
" .. في ألمانيا أولا جاءوا للشيوعيين لم أبال لأنني لست شيوعياً، وعندما اضطهدوا اليهود لم أبال لأنني لست يهودياً، ثم عندما اضطهدوا النقابات العمالية لم أبال لأني لم أكن نقابيا ..بعدها عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أبال لأني بروتستنتي ..و عندما أضطهدوني انا .. لم يبق أحد حينها ليدافع عني .. " 
فوهم السعادة أفضل بكتير من ألم الحقيقة .. بس حيفضل الوهم وهم .. و حتفضل الحقيقة حقيقة .. سواء قررت تشوفها أو متشوفهاش ..!

إيجنوريتال

0



“ كلهم خنازير يتناطحون في سبيل الحكم، وإنه لمجنون الذى يخسر حياته أو مستقبله فى معركة زائفة ” ....... نجيب محفوظ

في المسلسل الكرتوني المشهور Simpsons , في الموسم الـ 20 الحلقة الـ 7 .. ظهر دوا خيالي مهم جدا أسمه " Ignorital " 

حسب المسلسل , Lisa ( بنت Homer الأب ) , كانت بنت حساسة جدا , كان معروف عنها أهتمامها, بقضايا البيئة و الفقرا و كانت بتدعو الناس انهم ينشرو السلام و يبطلوا عنف .. لكن بعد فترات من اللاتغيير , أدركت Lisa أن مفيش فايدة في العالم , و ان الناس حتفضل طول عمرها كدة , في عنف و قهر و فساد ! .. فأصيبت بأحباط و يأس و كان العلاج عشان تخرج من الحالة النفسية السيئة ديه هو الـ Ignorital ( دوا التجاهل ) ... و اللي أول ما خدته Lisa شافت العالم وردي و الناس كلها وشوشها بتضحك .. الحياة كلها كانت زي الفل و مفيش اي مشاكل او كوارث .. فرجعت Lisa تاني من غير يأس و أحباط .. أنما في حالة من السعادة و الأمل  .. فساعات لما يكون مفيش حل في تغيير الواقع بيكون الحل تغيير أدراكنا للواقع ! .. فأه في ناس بتموت من الجوع و المرض , في ناس بتتعذب ظلم و ذل , في ناس بتتقتل لمصالح سياسة و دينية ! بس أشطه مفيش في أيدنا حاجة نعملها ! فأحنا أضعف و أحقر و أقل بكتير من أن يكون لينا أي تأثير يذُكر .. أحنا نكرة .. لا ديه يمكن ساعات مش بنوصل للنكرة ! 

فالشاعر " برتولت بريشت " قال قبل كدة : " .. أنها لجريمه ان نتحدث عن الازهار الجميله حين يكون هناك بشر يقتلون .. ! " ,, بس أيه في حياتنا مش جريمة ؟! , ده كل حاجة حوالينا جريمة , فلو هما بيعملوا جريمة فأحنا بنعمل ألف جريمة ! .. فسكوتنا جريمة و غضبنا جريمة , معرفتنا جريمة و جهلنا برضة جريمة !! , حتي حضورنا و وجودنا في قلب الحدث جريمة .. و غيابنا و تجاهلنا هو قمة الجريمة !! ... فالكائن البشري هو الجريمة ..

بس الممتع في الأنسان أنه غير الكرتون .. مش مستني Ignorital عشان يتجاهل أو ينسي .. هو بس يومين و كأن مفيش أي حاجة حصلت .. أي حاجة تاخد حقها في الـ Trend و بعد كدة نشوف غيرها ... و عمر الأحداث ما حتخلص و لا عمر الأنسان ما حيلاقي حل ... فزي ما قال عمنا "صمويل بيكيت " : أنت على الأرض ، لا يوجد علاج لذلك ! ...

حق دخول النار

0


في رمضان , سنة 1955 , طلع الشيخ الأزهري "عبدالحميد بخيت " بفتوي غريبة و هي أن من حق الشخص المسلم أنه يفطر في رمضان لو مش قادر ! طبعا الدنيا أتلقبت أزاي يطلع شيخ يقول الكلام ده ؟! ده أكيد مجنون , أكيد مش مسلم ! و في عز الهجوم علي الشيخ بخيت ظهر عمنا الكبير طة حسين عشان يدافع عن موقف الشيخ بخيت بالفلسفة و المنطق , و سجل دفاعه ده في مقالة كتبها من جزءين في جرونال الجمهورية بعنوان " حق الخطأ " ..

خلينا نفترض سؤال خيالي شوية , فلنفترض ليا صديق قرر أنه عاوز يدخل النار ؟ هل من حقي أحترم قراره ده و اتعامل معاه أنه شخص مسؤول حر و لا مينفعش اطاوعه في حاجة زي كدة و مفيش حاجة أسمها هو حر مادام من وجهة نظري هو بيأذي نفسه ؟!! ... 

" الحرية غير ذات قيمة إذا لم تشمل حرية ارتكاب الأخطاء " غاندي

الموضوع بيبتدي , لما بنكون لسه أطفال .. و أنتا طفل مفيش حاجة أسمها انتا حر ! انتا لسه عيل صغير مش عارف ايه الصح و لا ايه الغلط .. مينفعش تفتح الباب و تقول لماما انا حر حنزل الشارع , أنا حر مش عاوز أخد الدوا , أنا حر عاوز اطلع السطح .. هنا لو حصلت علي حقك في التصرف و انتا شخص غير مسؤول ممكن تأذي نفسك ! , لكن لما بتبتدي تكبر و فكرك ينضج , واحدة واحدة بتبتدي تستحق الحرية ديه .. لا انتا حر تنزل الشارع عشان انتا كبير عارف مصلحتك و حتحمل العواقب ! , طب لو انتا كبير و حتحمل العواقب و كل حاجة , بس انا عارف ان نزولك خطر و لو نزلت حتأي نفسك , هل من حقي أمنعك أو أجبرك علي الصح بالقوة !! .. بس أيه الخطأ و أيه الصح ؟!! مش ممكن يكون صح و انا فاكره غلط !!!

في الفلسفة حاجة أسمها مطلق و نسبي .. المطلق هو الحاجة الي مينفعش يكون فيها جدال او نقاش و ده مينفعش مع الأدراك الأنساني ,, عشان الأدراك البشري في الأساس قايم علي النسبي ! ... فمفيش ثوابت مطلقة في الفكر الأنساني , أنما هي أجتهادات ذاتيه لتفسير الامور ,, يعني حتي اللي انا شايفه غلط و مينفعش .. غيري ممكن يشوفه لمصلحته او حيفيده ! فمادام مش بيتعدي علي حريتي او حدودي .. مادام هو سليم و واعي و ناضج .. مادام مطلبش مني أتدخل او أساعد .. يبقي هو حر و من حقه يعمل اللي عاوزه !! .. فتعاملنا مع الأشخاص لازم يتعدي كوننا أولياء أمورهم أو اوصياء فكريين عليهم , لازم حق أحترام الفكر الاخر يكون مكفول حتي و لو مختلف عني أو حتي ضد قناعاتي , لازم يكون موجود حق الخطأ !! .. في النهاية حقتبس جزء من مقالة عمنا طة حسين في دفاعه عن الشيخ بخيت : 
"... من حق الإنسان أن يخطئ ! ، وويل لأمة يعاقب الناس فيها على الخطأ. تلك أمة لا تعرف الحرية ولا تُقدِّرها ، ولا تقيم أمرها على القصد والاعتدال، وإنما تقيمه على الفتنة والغرور . وأي فتنة أشد من معاقبة الناس على أنهم رأوا رأيًا لا يعجب الرؤساء؟ وأي غرور أعظم من ادعاء الوصول إلى أسرار الضمائر ودخائل القلوب ؟ وأي شر أشد نكرًا من أخذ الناس بالشبهات وقد أُمِر المسلمون أن يدرءوا الحدود بالشبهات ؟ ... "

فأحترموا حق الأخر في الخطأ بتاعه .. عشان الأخر يحترم حقكوا في الصح بتاعكوا ..

السيطره والحب

0


" إذا كنت تحب امرأة فلا تقل لها (( أنا أحبك )) . . إن هذه العبارة أوّل ما تجعل المرأة تفكر في السيطرة عليك " .... الممثل الأمريكي " كلارك جيبل " ,, 

من المواضيع اللي بتشغل فكر ناس كتير هو علاقة الحب بالسيطرة , و أن ساعات كتير بنقرر منظهرش اي شكل لعواطفنا او مشاعرنا عشان محدش يستغلها ضددنا , فتبقي الأم بتنصح بنتها انها اوعي تصرح بحقيقة مشاعرها عشان الواد الفلاني ميلعبش بيها , الراجل أصحابه في القهوة يقولوا له لو مراتك حسيت انك رومانسي حتركبك ! و نماذج كتير بتدور في أطار أن الحب هو السلسلة اللي بنربط فيها نفسنا ! بس هل ده فعلا حقيقي ؟؟ 

بتقول الدكتورة Susan Weinschenk في مدونتها أن الأنسان بطبعه بيحب السيطرة , و بتستشهد بتجربة حصلت زمان , أنهم جابوا عيال صغيرة حوالي 4 شهور و ربطوا في ايدهم حبل لما يشدوه يطلع صوت موسيقي ... و لاحظوا العيال بقت كل فتره تشد الحبل و تسمع موسيقي و تنبسط ,, بعد شويه شالوا الحبل لكن فضلوا يعملوا الموسيقي بفترات قريبه اوي من الفترات اللي عيال كان بيعملوها ! فأكتشفوا ان العيال بتصرخ أكتر من الأول !! .. فالمشكلة مش في الموسيقي قد ما حب العيال للتحكم في الموسيقي ... فالأستنتاج كان ان حتي و لو الحاجة متوفرة للشخص هو بيحب برضة يكون المتحكم فيها بالأساس !! ,, فالحقيقة أن أه الأنسان بطبعه بيحب يكون مسيطر !! فمين فينا مش عاوز يبقي زمام كل حاجة حواليه في ايده , مين مش عاوز يتحكم في مستقبله و ظروفه .. حتي برجمه الأنسان العصبية بتبتدي تعلن حالات التوتر لما تحس انه فقد السيطرة ... فالأنسان ممكن يكون مش جعان بس لمجرد تفكيره انه ازاي حيوفر أكل لتاني يوم يسبب له قلق و تعب ,, فسبب التوتر مش الجوع و لكن فقدان السيطرة !

معني الكلام ده , أن فعلا اي شخص بيحاول يتصيد اللي حواليه علي حاجات عشان يسيطر عليهم , فالأم مش غلطانه لما تنصح بنتها متظهرش مشاعرها الحقيقة , أصحاب الراجل مش غلطانين لما قالوا له لو مراتك حسيت رومانسي حتتركب !! زي ما قال" كلارك " لو قلت لأي واحدة بحبك حتبتدي تتحكم فيا ! .. فيبقي الحل أننا نخفي اي مشاعر حقيقة او عواطف عشان محدش يلعب بينا او يسطير علينا .. 

الحقيقة أنا لو قفلت الموضوع علي كدة , يبقي أنا فعلا بقولكوا علي طريقة لحماية نفسكوا من اي استغلال او سيطرة بأسم الحب .. بس الحل ده عامل زي واحد خايف ليتخبط في الشارع فقرر يتحبس في بيتهم !! ,, اه الشارع في بلاوي و ناس مش مركزة في السواقة , بس هل الحل اني منزلش ! اه ممكن أظهر عواطفي لناس مريضة ناقصة , عندها جنون السيطرة علي اللي حواليهم , بس هل الحل اني اكبت او اقتل اي مشاعر جوايا !؟؟ .. كل اللي في الموضوع اني زي ما بخلي بالي و انا بعدي الشارع .. حخلي بالي و أنا بحب , ححب براحتي من غير خوف بس بحذر , حأعلن عن مشاعري بصراحة و نضوج بس في التوقيت الذكي , حكون علي معرفة كاملة و أيمان مفهوش شك .. أن اللي يستحق حبي لا يمكن ابدا حيكون عاوز يتحكم فيا .. عشان ساعتها حيبقي مش مختلف كتير عن طفل 4 شهور كل همه انه يتحكم في حبل ..!
Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه