حق دخول النار

0


في رمضان , سنة 1955 , طلع الشيخ الأزهري "عبدالحميد بخيت " بفتوي غريبة و هي أن من حق الشخص المسلم أنه يفطر في رمضان لو مش قادر ! طبعا الدنيا أتلقبت أزاي يطلع شيخ يقول الكلام ده ؟! ده أكيد مجنون , أكيد مش مسلم ! و في عز الهجوم علي الشيخ بخيت ظهر عمنا الكبير طة حسين عشان يدافع عن موقف الشيخ بخيت بالفلسفة و المنطق , و سجل دفاعه ده في مقالة كتبها من جزءين في جرونال الجمهورية بعنوان " حق الخطأ " ..

خلينا نفترض سؤال خيالي شوية , فلنفترض ليا صديق قرر أنه عاوز يدخل النار ؟ هل من حقي أحترم قراره ده و اتعامل معاه أنه شخص مسؤول حر و لا مينفعش اطاوعه في حاجة زي كدة و مفيش حاجة أسمها هو حر مادام من وجهة نظري هو بيأذي نفسه ؟!! ... 

" الحرية غير ذات قيمة إذا لم تشمل حرية ارتكاب الأخطاء " غاندي

الموضوع بيبتدي , لما بنكون لسه أطفال .. و أنتا طفل مفيش حاجة أسمها انتا حر ! انتا لسه عيل صغير مش عارف ايه الصح و لا ايه الغلط .. مينفعش تفتح الباب و تقول لماما انا حر حنزل الشارع , أنا حر مش عاوز أخد الدوا , أنا حر عاوز اطلع السطح .. هنا لو حصلت علي حقك في التصرف و انتا شخص غير مسؤول ممكن تأذي نفسك ! , لكن لما بتبتدي تكبر و فكرك ينضج , واحدة واحدة بتبتدي تستحق الحرية ديه .. لا انتا حر تنزل الشارع عشان انتا كبير عارف مصلحتك و حتحمل العواقب ! , طب لو انتا كبير و حتحمل العواقب و كل حاجة , بس انا عارف ان نزولك خطر و لو نزلت حتأي نفسك , هل من حقي أمنعك أو أجبرك علي الصح بالقوة !! .. بس أيه الخطأ و أيه الصح ؟!! مش ممكن يكون صح و انا فاكره غلط !!!

في الفلسفة حاجة أسمها مطلق و نسبي .. المطلق هو الحاجة الي مينفعش يكون فيها جدال او نقاش و ده مينفعش مع الأدراك الأنساني ,, عشان الأدراك البشري في الأساس قايم علي النسبي ! ... فمفيش ثوابت مطلقة في الفكر الأنساني , أنما هي أجتهادات ذاتيه لتفسير الامور ,, يعني حتي اللي انا شايفه غلط و مينفعش .. غيري ممكن يشوفه لمصلحته او حيفيده ! فمادام مش بيتعدي علي حريتي او حدودي .. مادام هو سليم و واعي و ناضج .. مادام مطلبش مني أتدخل او أساعد .. يبقي هو حر و من حقه يعمل اللي عاوزه !! .. فتعاملنا مع الأشخاص لازم يتعدي كوننا أولياء أمورهم أو اوصياء فكريين عليهم , لازم حق أحترام الفكر الاخر يكون مكفول حتي و لو مختلف عني أو حتي ضد قناعاتي , لازم يكون موجود حق الخطأ !! .. في النهاية حقتبس جزء من مقالة عمنا طة حسين في دفاعه عن الشيخ بخيت : 
"... من حق الإنسان أن يخطئ ! ، وويل لأمة يعاقب الناس فيها على الخطأ. تلك أمة لا تعرف الحرية ولا تُقدِّرها ، ولا تقيم أمرها على القصد والاعتدال، وإنما تقيمه على الفتنة والغرور . وأي فتنة أشد من معاقبة الناس على أنهم رأوا رأيًا لا يعجب الرؤساء؟ وأي غرور أعظم من ادعاء الوصول إلى أسرار الضمائر ودخائل القلوب ؟ وأي شر أشد نكرًا من أخذ الناس بالشبهات وقد أُمِر المسلمون أن يدرءوا الحدود بالشبهات ؟ ... "

فأحترموا حق الأخر في الخطأ بتاعه .. عشان الأخر يحترم حقكوا في الصح بتاعكوا ..

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه