صراع ال 8

0


الراجل اللي شبه كنتاكي اللي في الصوره ده  , اسمه " اريك اريكسون " .. عالم نفس ألماني , له اسهمات كتير في تطوير علم النفس و خصوصا علم النفس الاجتماعي , اريكسون معروف بنظريته المشهوره "تكامل الأنا " و اللي شرح فيها ازاي التطور النفسي للانسان بيحصل من ساعه ما بيتولد لغايه ما يموت .. و اللي قسم مراحل التطور ديه لـ 8 مراحل , كل مرحله فيهم عباره عن صراع نفسي مستمر من بدايه المرحله لنهايتها و بيحدد في الاخر الشخصيه المميزه للانسان ده : 

1 - المرحله الاولي ( من ساعه الولاده لسن 1 سنه ) 
مرحله (الثقه VS الشك) : 
في المرحله ديه بيتولد الطفل و هو عاوز يوصل لاجابه عن سؤاله الوحيد "هل البشر اللي حواليا دول يستحقوا ثقتي و لا لأ ؟؟ " .. ببساطه الطفل اول ما بيتولد بيكون محتاج اللي يساعده نظرا انه لسه جاي جديد علي العالم ده و مش عارف يعمل اي حاجه , و بيقدر من خلال تفاعلات بسيطه جدا في عقله , يدرك ان اللي حواليه فعلا بيساعدوه و لا لأ ؟؟, ماما بترضعني , ماما بتحضني , ماما بتقرب مني , ماما بتكلم معايا و تركز لما اعيط .. و مش ماما بس , لا بابا و اخويا و اختي .. و للاسف لو كانت نتيجه الصراع ده بأن الطفل ملأش اللي يساعده او يستحق ثقته , بيتم تلقئيا استنتاج ان (مينفعش اثق في حد تاني في حياتي ) ! و بيكبر الطفل ده بانحرافات سلوكيه كتير و غالبا بيبقي سواق مكروباص و يكتب علي ضهر مكروباصه "مفيش صاحب يتصالح " او "مفيش صاحب صالح كله بتاع مصالع "  , اما لو مرت بسلام حيبقي سواق مكروباص اد الدنيا برضه , بس مش حيكتب كده علي ضهر مكروباصه  و يبقي ندخل علي المرحله اللي بعدها .. 

2- المرحله التانيه ( من سن 1 سنه لسن 3 سنين ) 
مرحله ( الاستقلاليه VS الخجل ) : 
في السن ده الطفل بيبتدي يأكل نفسه , يلعب مع نفسه , يعمل حمام بنفسه , و هنا بيتكون سؤال تاني في دماغ الطفل (هل انا انسان مستقل بذاتي و لا لأ ؟؟ ) .. لو مثلا الطفل في السن ده كان لسه ماما هي بتوديه الحمام و في نفس الوقت ماما متضايقه من انه مش زي ابن طنط سعاد صحبتها اللي بيروح الحمام لوحده او هو مع نفسه يحس انه لا عاوز اعمل الحاجات ديه لوحدي , انا كبرت و بقيت 3 سنين اهو  .. و هنا الطفل حيبتدي يحس بالخجل و الكسوف من نفسه و يبتدي يتسرب له شعور انه اقل من غيره او عاجز انه يكون انسان مستقل في اول اختبار ليه مع الحياه و برضه ده قدام بيعمل للطفل ده مشاكل نفسيه ممكن توصله انه يبقي طول فتره حياته عايش في وهم انه حد اقل من غيره او حد دايما محتاج اللي يساعده في اقل حاجه ممكن يعملها .. و اللي زي ده نادرا ما بينجح في حياته ! 

3- المرحله التالته ( من سن 3 سنين لسن 6 سنين ) 
مرحله (المبارده VS الذنب ) : 
خلاص خد استقلاليته , يبتدي يبدع الطفل في استخدام استقلاليته ده , يكتشف الحاجات اللي حواليه , ممكن يبتدي يروح المدرسه , النادي , الشارع , يتعرف علي ناس جديده , و هنا حيبتدي يغلط ! يغلط في الكلام لما ماما تقوله لما طنط تصل قولها نايمه بس هو ميكدبش فامه تصربه بالشبب عشان يبقي يكدب  , يغلط , لما يكون علي طبيعته و يحاول يشوف موبيل بابا الجديد بيطلع اغاني ازاي , فيكسر له الشاشه من غير قصده , فبرضه ماما تيجي تضربه بنفس الشبب  , اي حاجه احنا بنشوفها غلط هو بيشوفها فرصه جديده لاسكشاف العالم ده .. لو الفتره ديه عدت بانتصار شعور الذنب , كده الطفل ده ضاع لسنين كتير قدام , حيبقي انطوائي , جبان , معندوش اي شعور للاكتشاف او المعرفه , عنده شعور دائم انه متهم و يكون دايما عاوز يبرر افعاله من غير حتي ما يطلب منه .. و ممكن توصل لدرجه خوفه من مجرد السؤال احسن يكون سؤال عيب و لا غلط و تكون النتيجه الشبب !

4- المرحله الرابعه ( من سن 6 سنين لسن 11 سنه ) 
مرحله ( الكفاءه VS النقص ) 
هنا بقي تعامل الطفل مع الناس حيبقي مش مجرد حادث جديد , لأ ده حيبقي واقع و عادي جدا , و حيبتدي يشوف اللي حواليه و يقارن نفسه بيهم , سواء اخواته , اصحابه , اقرايبه , حتي ماما و بابا , حيبتدي يقارن بين نفسه و بين كل الناس اللي حواليه , و نظرا اننا كبشر بنحب نكون الافضل دايما , فيسعي دايما انه يتحلي بالصفات اللي تخليه الافضل في وجهه نظره مثلا الميس في الفصل جابت هديه للولد الشاطر , فانا برضه عاوز هديه , ماما بتحب اخويا عشان بسمع الكلام , انا برضه عاوز ماما تحبني , و هكذا , المشكله لو مواهب الطفل او قدراته او ادراكه الطفولي مقدروش يتعايشوا مع حقيقه ان عادي مش لازم نبقي زي كل الناس او احسن من كل الناس , ممكن يبتدي يحس بنقص في شخصيته و يكون عاوز يكمله باي حاجه بقي , مثلا حيكمله انه يشتم في اللي مش عارف يكون زيهم , يكرهم , يقسو علي نفسه اكتر فيتعقد .. و برضه لو معتدش بسلام المرحله ديه الوضع مش حيبقي كويس 

5- المرحله الخامسه ( من سن 11 سنه لسن 18 سنه ) 
مرحله (الهويه VS لا هويه ) 
عارفين الناس بتاعه هويه مصر اسلاميه , لا هويه مصر فرعوينيه , لا هويه مصر بتنجانيه  , اهو ده بالظبط اللي بيحصل في عقل المراهق في السن ده , سؤال واحد وحيد "انا ايه ؟؟ " او بمعني تاني "انا عاوز ابقي ايه " .. هنا بقي عاش فتره محترمه من عمره بتخليه يتخيل انه كبر بقي و نضج و لازم يحدد شكله و منظره اللي حيتعامل بيه مع باقي العالم ,,,, و معلش هنا بقي حطلع من سياق الموضوع شويه و احكي عن تجربه شخصيه مع احد الشخصيات المحترمه اللي اثرت في حياتي .. في فتره مراهقتي اتقالت لي جمله من اعظم الجمل اللي لا يمكن انساها علي لسن الشخصيه ديه و هي : "يا كيرلس .. انت في فتره المراهقه عامل زي عجينه البسكوت عمال تتشكل و يتغير شكلك و فكرك و اسلوب حياتك , بس حتيجي في لحظه ما , تدخل العجينه ديه الفرن ! و في الفرن بتنشف و اي لعب او تغير في شكلها ساعتها بيفرفط البسكوت و يفقدها اي تماسك فيها .. فخلي بالك في فتره ما قبل الفرن , انت بتقعد مع مين و بتتعامل مع مين , ودنك , عينك , فكرك .. اهداقك , خططك .. اقل موقف انت مش متخيل انه ممكن يأثر فيك , هو بيشكل في تكوينك و انت مش عارف , فخلي بالك " ... و طبعا كنت مراهق عبيط ساعتها  مأدركتش اهميه كلامه غير بعد ما كنت دخلت الفرن و اتفرفط شخروميت حته  

6- المرحله السادسه ( من سن 18 سنه لسن 30 -35 سنه ) 
مرحله ( الحب VS الوحده ) 
خلاص بقي المراهق هبب اللي هببه في مرحله الهويه و دخل مرحله البلوع , نشوف بقي اللي بعده  ... و يتبادر اهم سؤال وجودي في دماغ البالغ ساعتها "هو انا حفضل لوحدي كده كتير ؟؟ " .. و يقول الشاب في دماغه "انا قضيت اول سنين عمري بكتشف العالم , و بعدها قعدت اكتشف اللي حواليا و بعدها اقعدت اقارن نفسي بيهم و بعد كده قعدت اخترع في شخصيه و هويه لغايه ما تحوصلت جوا ذاتي .. فجيه الوقت بقي و عاوز اخرج !! بس مش عاوز اخرج لوحدي , عاوز شريك اخرج معاه .. شريك اعيش معاه , اعيش احلامي , خططي , حياتي , شريك مش مجرد يسد وحدتي , لا ده يكون حته مني , جزء من فكري و عقلي و نفسي , شريك دون كل الـ 7 بليون واحد علي الارض , ده حد مميز , حد مهم , حد مقدرش اعيش من غير وجوده " ... و عشان كده المرحله ديه مينفعش يتم فيها التفكير بالاعضاء التناسليه ! او التفكير فيها بمنطف اي حاجه في رغيف عشان نخلص و منبقاش سنجل قدام الناس ! او التفكير فيها بمنطق ضل راجل احسن ضل حيطه , او منطق ماما عاوزه تجوزني بنت عمتي عشان عمتي ميجلهاش شلل رعاش و الميراث ميطلعش برا ... اه مش بنكر ان الوحده قاسيه و مؤلمه و بنت ستين كلب كمان ! و انها ممكن تجننك , تبدهلك , تبوظ لك طعم اي حاجه حلوه في الدنيا .. بس متعملش زي دول بتختار استقرار علي فساد و ظلم و قمع , مقابل ان اهو استقرار و خلاص , لا ده مش استقرار ده اي اختراع هلامي انت بتصوره لنفسك عشان تقنع نفسك انك مستقر و مصيرك حيكون زي الدول ديه , مهما بانت مستقره من برا , هاديه من برا , مفهاش قلق او مظاهرات من برا ... الثوره و الانفجار مهما طالوا او استخبوا بالاستقرار السطحي ده , هما جايين جايين ! 

7 - المرحله السابعه ( من سن 35 سنه لسن 55 -65 ) 
مرحله ( الانتاج VS الركود ) 
و فجأه تحس كده .. انك عايش بقي لك كتير ! حياه روتينه , ممله , مش قادر تنتج فيها و يبقي شعارك "انا مش مش عاوز اديك .. لا انا مش قادر , مش مش عاوز "  .. حتي علي مستوي الجسد , بيولوجيا الانسان مش بيبقي نفسه يجيب عيال تاني بعد ال 35 , و الست نفسها بتبقي بتشطب علي 40 - 45 , و اللي بيتم تسميتها في الرجاله و الستات "ازمه منتصف العمر " .. تقعد تعيد حسبات حياتك , تقعد تفكر انا ضعيت حياتي في ايه ؟؟ فتلاقي نفسك انسان تافه معملتش اي حاجه  فتكتئب اكتر , فتروح عشان تعمل اي حاجه تلاقي جسمك كبر و مش بعيد تشوف شاب اصغر منك بيعمل اللي انت مش عارف تعمله , فتحزن علي نفسك اكتر و تكتئب اكتر و تقرر تنتحر بقي .. فتلاقي نفسك حتي الانتحار مش عارف تعمله .. فتوصل لمرحله ما انك لو راجل حتقعدي بقيه عمرك علي القهوه و تفضل تتكلم عن حال البلد اللي مش حيتعدل و تتخانق مع اصحابك لغايه ما يجي صاحب القهوه يطردكوا كلكوا و انتي لو ست حتقعدي بقيه عمرك قدام برامج الشيف شربيني و تفضلي تتصلي بيه عشان تعرفي طريقه عمايل المكرونه البشاميل و عمرك ما حتطلعي الهوا ... و طبعا قمه النجاح انك بالرغم من كل المشاعر السلبيه ديه هي انك تزدهر و تنتج و تثبت لنفسك قبل اي حد , انك الاقوي ! , ثبت انك تستحق واقع افضل من القهوه و انتي واقع افضل من الشيف شربيني ... 

8- المرحله التامنه ( من سن 65 سنه - لغايه الوفاه ) 
مرحله (الصراع VS اليأس ) 
و فجأه كده بعد ما كنت مش قادر تعمل حاجه , تحس فجأه انك عاوز تعمل كل حاجه .. و بدل ما كنت عاوز تتخلص من حياتك البائسه , لا ده انت بتتمسك بحياتك البائسه ديه , بالرغم من ان عندك تبول لا ارادي و مركب 12 صمام في القلب و عندك قُرح فراش و امساك مزمن , بس عاوز تعيش و ترجع تاني شباب .. صحتك ضدك , الظروف ضدك , حتي علي المستوي الاجتماعي كله قرفان منك اصلا , "ما تموت و تريحنا من قرفك , كل شويه حد يوديني المستشفي , حد يجيبني من المستشفي " .. و علي المستوي النفسي , اليأس مش سايب لك لحظه أمل , ده غالبا بيبقي انتيمك في الفتره ديه , و يجهزك نفسيا انك خلاص كلها يومين و تموت , انت ملكش عازه , انت عبء علي كل اللي حواليك , انت مهما عملت ميت .. و هنا شخصيتك بتبان يا اما تستلم لليأس يا اما هو اللي يستسلم قدام اصرارك و تصميمك , انا مش بقول انك مش حتموت , بالعكس , كلنا حنموت , حتي كاتب المقاله ديه حيموت  و اللي غالبا حيموت موته وحشه بسبب المقاله الطويله ديه  , بس الفكره كلها هل انت راضي عن نفسك في المرحله ديه ؟؟ هل انت فعلا قضيت كل السنين اللي ضاعت من عمرك لدرجه انك مستغني عن اي فرصه تاني في الحياه ؟؟ هل انت مش قادر تاني تخوض اي صراع في حياتك ؟؟ .. اللي عمله دكتور اريكسون ان هو قدم من خلال نظريته البسيطه , ما هو اهم مغزي للحياه و هو الصراع ! لو تركز تلاقي حياتنا ما هي الا صراعات متتاليه , في كل لحظه بنختار حاجه و نسيب التانيه هي صراع , بنفاضل بين نتيجه و نتيجه هي صراع , بنمشي طرق كتيره و نسيب طرق اكتر هي قمه الصراع .. و هو ده اللي بيعمل شخصيتنا , سلوكنا , تكوينا , بيعملنا احنا , اللي في الحقيقه هي نتاج صراعات طويله اوي احنا خوضناها و احنا مش مركزين و لسه حنخوضها برضه و احنا مش مركزين , ... و ما هي الحياه الا مجرد صراع ...

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه