فن الحب

0


" الشرط الرئيسي للحب العصابي يكمن في أن أحد المحبين أو أن كليهما يظلان متعلِّقين بشخص الأب، ويحول، أو يحولان، المشاعر والتوقعات والمخاوِف التي سبق أن تملكته تجاه الأب أو الأم إلى الشخص المحبوب في حياة اليفاعة. إن هؤلاء الأشخاص لم يخرجوا إطلاقًا من نموذج التعلق الطفولي، وهم يبحثون عن هذا النموذج في المطالِب العاطفية في حياة اليفاعَة. وفي هذه الحالات، يظل الشخص – من الناحية العاطفية – طفل اثنين أو خمسة أو اثني عشر عامًا على حين أنه من الناحية العقلية والاجتماعية على مستوى عصره الذي يتتابع تاريخيًا. وفي الحالات الأشد، عدم النضج العاطفي هذا يؤدي إلى اضطرابات في تأثراته الاجتماعية. وفي الحالات الأقل حدة يكون الصراع محدودًا على مجال العلاقات الحميمية.
نجد علاقة الحب العصابي كثيرًا اليوم، وهي تتناوَل الناس الذين ظلوا في تطورهم العاطفي مثبَّتين في تعلُّقهم الطفلي بالأم. هؤلاء رجال لم يُفطَمُوا بعد من أمهم. هؤلاء الناس لا يزالون يشعرون كالأطفال إنهم بحاجة إلى حماية الأم وحبها ودفئها ورعايتها وإعجابها، إنهم يريدون حب الأم المطلَق، وهو حب يُعطَى لا لسبب سوى أنهم يحتاجون إليه، وأنهم أطفال الأم وأنهم عاجزون... إذا ما حاولوا أن يغروا امرأة لكي تحبهم، وحتى بعد أن ينجحوا في هذا، تبقى علاقتهم بالمرأة (مثل علاقتهم بكل الآخَرين في الواقِع) طفيلية وغير مسؤولة. إن هدفهم هو أن يُحَبّوا لا أن يُحبّوا. وعادة ما يكون هناك قدر كبير من العَبَث لدى هذا النوع من الرجال، وأفكار بالعظَمَة خفية بشكل أو بآخَر، فإذا وجدوا المرأة المناسبة فإنهم يشعرون بالأمان، وبإنهم على قمة العالَم. وهم يستطيعون إظهار قدر كبير من الحب والسحر، وهذا هو السبب الذي يجعلهم مخادِعين في الأغلَب. ولكن، عندما لا تستمر المرأة – بعد مدة – في أن تعيش وفق توقعاتهم الخيالية الناشطة، تبدأ الصراعات والاستياء. خصوصًا إذا لم تكن المرأة تُعجَب بهم دومًا، وإذا أبدَت مطالب للحياة خاصةً بها، وإذا أرادَت أن تُحبَّ وأن تحمي نفسها. "
جزء من كتاب ( فن الحب ) للعبقري "أريك فروم " 

في وجهة نظري , كتاب (فن الحب) من أعظم الكُتب اللي أتكلمت عن الحب و نظراياته .. ففي بداية الكتاب بيبتدي الكاتب يتسأل هل الحب فعلا فن ؟؟ و لا مجرد أحساس بيحسه الشخص من غير مجهود و لا تعب ,, بس طبعا الكاتب بيتبني نظريه ان الحب فن , و انه زي اي نوع من انواع الفنون محتاج ممارسه و مجهود , فالانسان اللي بيمارس مشاعر الحب ديه لازم يبذل مجهود و تعب عشان يوصل لمعني الحب الحقيقي .. فالكاتب بيرجع سبب تدهور الحب في حياتنا ديه ان نسبه كبيره من الاشخاص نسيوا ان الحب في الاساس فن , و انه مجرد غريزه تلقائيه بيطلع لما الأنسان يكون في احتياج لها زي الأكل و الجنس .. 

بخصوص الموضوع ده , كان ليا صديق بيقولي " أوحش وجبه بتاكلها , هي الوجبه اللي بتاكلها و انتا جعان .. " , و كان بيتكلم عن الناس اللي بتدور علي الحب لمجرد انها تكون نفسها في اي علاقه حب و خلاص , لمجرد انهم شايفنهم اللي حواليهم عايشين قصص حب و هما لأ , لمجرد انهم عطشانين للجو و المشاعر ديه ,, الناس ديه بتبقي عامله زي الشخص الجعان اللي بيدور علي اي حاجه يسد بيها جوعه و خلاص .. مش فارقه معاه وجبه كويسه او وجبه مش طازه او حتي مناسبه ليه و خلاص .. هو عاوز ياكل دلؤتي , فحياكل !! .. بس الحقيقه ان الحب مش مجرد وجبه .. انما الحب ده أجمل تجربه فنيه ممكن اي حد يعيشها .. 

في نهايه الكتاب , أريك فروم مقتبس مقوله من الفيلسوف "باراسيلسوس" : 
" من لا يعرف شيئا لا يحب أحدا.. ومن لا يستطيع أن يفعل شيئا لا يفهم أحدا, ومن لا يفهم شيئا لا قيمة له ... ولكن من يفهم , فإنه أيضا يحب ويلاحظ ويرى...وكلما ازدادت المعرفة بشيء, عظم الحب...وإن أي إنسان يتصور أن جميع الثمار تنضج في الوقت نفسه الخاص بنضج الفراولة ... لا يعرف شيئا عن العنب ... " 

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه