المواطن الصالح

0



" ..بمجرد أن تسمع كلمة " حرية " أو " ديمقراطية " , توخى الحذر .. ففي البلاد ذات الحرية الحقيقية لن تحتاج أن يخبرك أحد أنك حر .. " المفكر الأمريكي جاك فريسكو
سنة 1913 في نيوجرسي - الولايات المتحددة , نزل أول عدد من الجريدة الخاصة The Good Citizen - المواطن الصالح , و اللي أستمرت حوالي 20 سنة تنشر مقالات و قصص عن صفات المواطن الأمريكي الصالح .. و اللي من أهم صفاته أنه يدافع عن النظام الأمريكي القائم بكل اللي يقدر عليه و يحمية من الخطر الرهيب اللي أسمه الزنوج ! فالمواطن الصالح بتاع جريدة The Good Citizen حسب مقايس عصرنا الحالي هو مواطن عنصري غير صالح لبلاده او حتي الإنسانية ! 
سنة 1975 , في كتابه Thinking About Thinking)) التفكير حول التفكير , شرح الفيلسوف Antony Flew مشكلة حيويه بتهدد منطق اغلب الناس و سمها ( معضلة الأُسكتلندي الأصيل - No true Scotsman ) ,, فالقصة بتبتدي بمجموعة ناس أسكتلندين قاعدين مع بعض , شافوا واحد ميعرفهوش بيعمل حاجة غلط , فعطول حد منهم قال : "مفيش أسكتلندي يعمل الحاجة الغلط ديه .. الأسكتلندين مش بيغلطوا ! " ... بعد شوية شافوا حد صاحبهم أسكتلندي بيعمل نفس الحاجة الغلط ده فبدل ما يعترفوا ان عادي ممكن أسكتلندي يعمل حاجة غلط , راحوا قالوا : " مفيش أسكتلندي " أصيل " يعمل الحاجة الغلط ديه !! " .. فالمشكلة حسب الفيلسوف Antony Flew أن ساعات بعض الألفاظ بتتقال بمنطق مغلوط عشان تخفي تحتها حقيقة الإنسان مش عاوز يصدقها في نفسه او راضي يعترف بيها .. أو ساعات , تتقال عشان تمرر أفكار و دوافع غير عقلانيه او منطقية , أنما لمجرد أنها مقرونه باللفظ الرنان ده !
المواطن الصالح , المواطن المثالي , الإسكتلندي الأصيل , المسلم الحق , المسيحي إبن الطاعة , الراجل الوطني , الست الشريفة , المواطنين الشرفاء ! .. و ألفاظ رنانه تانية كتير ... بيتم أستخدامها عشان تلهي عقل الإنسان علي اللي وراها ,, فبمجرد سماع المواطن الأمريكي سنه 1913 عن صفات المواطن الصالح , عقله مبقاش هدفه تحليل مقايس الصلاحية ديه , علي قد ما هدفة الوصول للمرتبة نفسها ! ,, فعلي حسب كلام الدكتورة Diane Dreher في مقالتها How to Avoid an Emotional Ambush , أن عقل الأنسان لما بيسمع ألفاظ تحفيزية زي المثالي , الوطني , المتدين .. بيبتدي يدخل في حالة صراع بينه و بين نفسه إن " ليه مبقاش انا كده ؟ ليه المجتمع ميفخرش بيا ؟! ليه مكنوش أنا المواطن الصالح ؟! "
مع أن في الحقيقة , المفروض المواطن ميستناش يعرف من مواطن زيه , أذا كان هو صالح و لا لأ ؟! أو محتاج من الأصل حد يفضل يفكره إيه صح من الغلط !!! .. فمن علامات تفشي الإستبداد الفكري أو الديني في اي مجتمع أو أمة , هو وجود شريحة كبيرة من الأشخاص لسه مستنين حد يوجههم للصح او الغلط , حد يأخد أيدهم في كل صغيرة و كبيرة , حد يصقف لهم و يقولهم أنتوا شاطرين أوي , برافو عليكم !! ... , فالمشكلة عمرها ما كانت إن الموطن صالح و لا لأ , أنما في مقايس الصلاحية ديه و الدوافع اللي وراها ,, فالمطلوب , أن قبل ما نفرح بنفاق المجتمع لاي شخص مننا كمواطن صالح , أننا نوقف مع نفسنا و لو دقايق .. و نراجع بصدق مقايس صلاحيتنا ..

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه