الإمعيه

0


كتير اوي بنسمع "انتا أنسان أمعه ! " او "يا أمعه ! ", و اللي أغلبنا بيفهم كلمه " أمعه " بمعني الحقير , التافه , اللي ملوش اي قيمه في الحياه و بس ,, مع ان لفظ "أمعه " ده وراه عمليه نفسيه اجتماعيه معقده بطريقه مرعبه ! و اللي أسمها باللغه العربيه "الإمعيه " ,, و بالانجليزي الـ Deindividuation .. 

الإمعيه او الـ Deindividuation , هي ببساطه سلب الانسان الطبيعي من هويته .. تجريده من كل ما يميزه ككونه هذا الانسان , تحويله لمجرد " أمعه " بتتساق علي حسب اهواء النظام او الفرد اللي ساهم في التحويل ده ,, مثل بسيط :
راضي موظف غلبان معروف طول عمره بادبه و اخلاقه .. كان داخل يتعالج في مستشفي حكومي , راضي اتعامل معامله سيئه جدا و اتهانت كرامته و انسانيه , زياده علي كده أتضر صحيا و نفسيا , راضي ابتدي تدريجيا يفقد شخصيه راضي المحترم المؤدب , و ابتدي يكتسب صفات بعيده كل البُعد عن هويته الاصليه , أبتدي يتحول لانسان قليل الادب , انسان كاره للمجتمع , او علي العكس اتحول لانسان جبان , خنوع , انسان منعزل في حاله , متقبل لكل ضربات المجتمع ليه ,, في الحالتين تم تغير "راضي " .. في الحالتين تم "إمعيه " راضي ........ ! 

خلينا نقول , ان كل شخصيه فينا , عندها زي ليسته من المحظورات او الممنوعات اللي علي اساسها بتتشكل الشخصيه ديه , زي مثلا : أحمد عنده مبدأ في حياته انه لا يمكن يدخل في بوءه سجاره , علي عكس شريف اللي بيدخن عادي , بس عنده مبدأ انه لا يمكن يعاكس بنت ... لو حصل ان احمد لاي سبب مهما كان مشي ضد مبدأه .. و شرب سجاير , هنا أحمد أتحول لـ" أمعه " علي عكس شريف اللي بيدخن عادي , بس محافظ علي مبادئه في انه عمره ما يعاكس اي بنت ! ... عمليه "الإمعيه" اللي حصلت لاحمد مكنتش عشان شرب السجاير , انما عشان هو سمح لنفسه يدوس علي قاعده اساسيه كانت مميزه لشخصيته و اللي تعتبر أولي خطوات الـ Deindividuation و أسمها الـ disinhibited behavior ...

الـ Deindividuation , مش انك تعمل حاجه غلط او حاجه صح , انما انها تعمل حاجه ضد نفسك و شخصيتك , حتي و لو بتعمل الصح و انتا غير مقتنع او انتا تحت ضغط او خوف تبقي "أمعه " !.. "الإمعيه " ببساطه هو انك تبتدي تتحول لحد غير نفسك ! ,, و من أشهر عمليات الـDeindividuation اللي حصلت في تاريخ علم النفس الاجتماعي , هي تجربه سجن ستانفورد , و اللي عالم النفس الشهير " فيليب زيمباردو " , جاب مجموعه من الشباب , و قسمهم , مجموعه عملت حراس سجن , و مجموعه عملت مسجونين , و سابهم مع بعض و راقب من بعيد تفاعل المجموعتين .. من ضمن الشباب اللي كانت عامله مساجين , شاب أسمه Clay , و اللي خد رقم 416 في تجربه الأسم , بعد انتهاء التجربه , عملوا حوار مع Clay عشان يحكي لهم علي اللي مر بيه في التجربه , و ده كان كلامه : 
" ... بدأت ان أشعر , اني افقد هويتي الحقيقيه , هوية هذا الشخص الذي يدعي Clay .. هذا الشخص الذي تطوع للمشاركه في هذه التجربه .. لقد كان يبعد عني , حتي في النهايه لم أجده تماما .. و تحولت لـ 416 , فلقد كنت بالحقيقه مجرد رقم , رقم 416 .. و 416 كان عليه الاختيار في ماذا سيفعل لاحقا .. "
ففكل مره , تحس انك بتمر بعمليه الـ Deindividuation , او ان المجتمع او اللي حواليك بيبذلوا قصاري جهدهم لإمعيتك !! .. أفتكر Clay .. أفتكر 416 ..

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه