زدني

0

" التعليل النفسي التحليلي لتكوين الأديان هو هو نفسه ، كما هو متوقع ، المساهمة الطفولية في تعليله الظاهر ... فحين يتبين للطفل ، وهو يشب ويترعرع ، أنه مقضى عليه بأن يبقى أبد حياته طفلاً ، وأنه لن يكون في مقدوره أبداً أن يستغني عن الحماية من القوى العليا والمجهولة ، يضفي عندئذ على هذه القوى قسمات وجه الأب ، ويبتدع لنفسه آلهة ، آلهة يخشى جانبها ويسعى إلى أن يحظى بعطفها ويعزو إليها في الوقت نفسه مهمة حمايته . وهكذا يتفق حنين الطفل إلى الأب مع ما يحس به من حاجة إلى حماية بحكم الضعف البشري ؛ كما أن رد فعل الطفل الدفاعي حيال شعور الضيق يتفق ورد فعل الراشد حيال الشعور بالضيق الذي يخالجه بدوره ، والذي يتولد عنه الدين وسماته المميزة " 

من كتاب مستقبل الوهم - لـعالم النفس المشهور سيجموند فرويد اللي كتبه حوالي سنه 1927

فرويد كان واضح في نظرته للاديان كلها , و هي ان كلها اوهام و نتاج ضعف النفس البشريه , و خصص كتب زي "وهم المستقبل " و " الطوطم و التابو " و " قلق في الحضارة " عشان يناقش الموضوع ده و يفسره بعمق .. كان شايف ان الاديان ديه نتيجه احتياج الانسان الدائم لحد يسمعه , حد يكلمه , حد يحرصه , حد يحسسه انه حياخد حقه لما يتظلم او يتأذي , و كل ده دفع الانسان منذ قديم الزمن انه يدور علي وهم و يسميه "الأله" عشان يلعب الدور ده , و كل ده كان له اثار سلبيه علي الانسان , زي شعوره الدائم بالذنب من الخطيه , حرمانه من ممارسه متعته زي الجنس و الشهوه و اللي كان شايف فرويد انهم مصدر سعاده للانسان , و تحويل الدين كمخدر لعقل الانسان بحيث انه عقله يوقف عن التساؤل و التفكير مدام كل حاجه بقي ليها عنده تفسير في الدين و الوهم اللي اسمه الأله .... من الاخر فرويد توصل ان الانسان المتدين انسان مريض نفسي محتاج يتحرر من خرافه الدين عشان يبقي انسان سليم نفسيا .....
لو عاوز تتعرف اكتر عن وجهه نظر فرويد في الدين : 

في سنه 1999 طلع كتاب اسمه " Faith of the Fatherless, the Psychology of Atheism " لدكتور علم النفس اسمه Paul Vitz ... بول في كتابه رد علي اراء فرويد و اللي استخدم منطق فرويد نفسه في تصنيف المنهج الفكري للبشر ... زي ما فرويد سمح لنفسه يحط كل المتدنين علي شزلونج المريض النفسي و يحلل سلوكهم و سيكولوجيتهم , بول برضه جمع اشهر ملحدين في التاريخ و عمل معاهم كده ... و اكتشف برضه ان الالحاد ممكن يكون نتيجه تجارب حياتيه سابقه تدفع الانسان لقرار الالحاد ده ... فرويد قال ان الطفل العاله علي ابوه او الطفل معتمد علي اهله , ده كبر و بقي متدين معتمد علي خرافه اسمها الله , بول قال برضه ان الطفل اللي مر بتجربه قاسيه مع اهله او عاش طفوله صعبه , طلع بيكره فكره الاب , و بالتالي يكره فكره الأله المسؤول و اللي عاني منها فرويد نفسه و عشان كده طلع ملحد , بمعني اصح زي ما فرويد اتهم المتدنين انهم مرضي نفسيين , بول اتهم فرويد نفسه و الملحدين انهم مرضي نفسين ... 
لمعلومات اكتر عن بول و حياته و كتبه : 

سواء رأي فرويد او بول , انا شايف انه من العبث اني اجمع مجموعه من الناس (سواء المتدنين كلهم او الملحدين كلهم ) و اتهمهم بصفه معينه و خصوصا لو الصفه ديه ان كلهم مرضي نفسيين ! بس قبل ما اتكلم عن فكره الله وهم و لا حقيقه ؟؟ , معلش حابب اتكلم عن قصيده شعريه صوفيه , بعشقها اسمها "زدني " لمتصوف رائع جدا اسمه " ابن الفارض " , القصيده عباره عن حوار بين ابن الفارض و الله , بيطلب منه يملي قلبه بحبه ليه و يساعده علي الوصول اكتر لمطلق الحب الالهي ده ... كلمات القصيده :
زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً وارحمْ حشى بلظي هواكَ تسعَّراً
وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقة فاسمَحْ، ولا تجعلْ جوابي:لن تَرَى
يا قلبُ!أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجرا
إنّ الغَرامَ هوَ الحَياة ، فَمُتْ بِهِ صَبّاً، فحقّكَ أن تَموتَ، وتُعذَرَا
قُل لِلّذِينَ تقدّمُوا قَبْلي، ومَن بَعْدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى ؛
عني خذوا، وبيَ اقْتدوا، وليَ اسْمعوا وتحدَّثوا بصبابتي بينَ الورى
ولقدْ خلوتُ معَ الحبيبِ وبيننا سِرٌّ أرَقّ مِنَ النّسيمِ، إذا سرَى
وأباحَ طرفي نظرة أمَّلتهـــا فغدوتُ معروفاً وكنتُ منكَّراً
فدهشتُ بينَ جمالهِ وجـلالهِ وغدا لسانُ الحالِ عني مخبراً
فأدِرْ لِحاظَكَ في مَحاسِن وَجْهِهِ، تَلْقَى جَميعَ الحُسْنِ، فيهِ، مُصَوَّرا
لوْ أنّ كُلّ الحُسْنِ يكمُلُ صُورَة ورآهُ كانَ مهلَّلاً ومكبَّراً

اللي عاوز يشوف شرح الكلمات بطريقه تفصيليه : 

ابن الفارض او زي ما بيتقال عليه "سلطان العاشقين " , لما قال القصيده ديه اتهاجم جامد جدا و خصوصا ان كان له قصايد تانيه علي نفس الفكره .. و وصلت ان بعد الفقهاء كفروه ! و طعنوا عقيدته و مذهبه .. و حسبوه مع الفرقه الاتحاديه , و اللي فقهاء كتير بينصفوها فرقه خارجه عن الاسلام الصحيح .... و كان مبررهم , ازاي واحد يكلم ربنا بالصيغه المايعه ديه !؟ يعني ايه تشوف ربنا و تقعد معاه و تقوله كلام زي كانك بتكلم واحده حبيبتك !! , الله ده بعيد , جبار , عالي جدا , مينفعش كلام ابن الفارض ده !!! ... و لو عاوز تقرا اكتر عن الموضوع ده اتفضل : (هو معلش من منتدي مش موثق , بس ديه المصدر الوحيد اللي عرفت اوصله علي الانترنت و يكون سهل و موجز ) 
http://goo.gl/i56xAA - و ده بخصوص الفرق الاتحاديه :http://goo.gl/xeOBQE 
و نصيحه اسمعوا قصيده "زدني" بصوت ريم البناhttp://goo.gl/KF2rPW حتفرق معاكوا جامد ... 
...... نرجع بقي لموضوع الأله ... هل هو وهم و لا حقيقه ؟؟ هل هو خرافه زي ما قال فرويد , و لا فرويد متحامل علي فكره الأله زي ما قال بول ؟؟ هلا صلاتنا , ايمانا , تضرعنا كل ده لوهم !؟؟ وهم اتولد في بيوتنا , في مدارسنا , في مجتمعتنا ؟ وهم مش قادرين نتنازل او حتي نتخيل فكره خروجه من حياتنا ؟!! ... عاوز الحق ... انا لو جاوبت السؤال ده و قلت لك ان اجباتي هي اجابه علميه , حياديه , منطقيه بحته .. يبقي انا بكدب عليك .. و اي حد يجاوبك علي السؤال ده و يفرض عليك اجابته انها هي الصح المطلق يبقي برضه بيكدب عليك ! فكره الوصول لله او التعايش معاه مينفعش تتنقل من شخص لشخص بالكلام او حتي تتحكي او تتنقل في مقالات او كتب او افلام ... فكره الوصول لله لازم تكون نابعه من تجربه حقيقيه مع الله , تجربه تلمس ذات الانسان , تجربه قايمه علي علاقه حيه و متبادله .. علاقه حب حقيقي زي تجربه ابن الفارض بالظبط .. تجربه تملي كيان الانسان و في نفس الوقت يكون بيصرخ من قلبه لله و يقوله "زدني " !! .. بس , مش يمكن ابن الفارض كان بيكلم وهم ؟! مش يمكن ابن الفارض كان بيتغزل بكل معاني الحب و العشق ديه في وهم ؟! مش يمكن ابن الفارض قضي عمره كله و حياته بيدور علي وهم ؟! ..... و برضه مش يمكن ابن الفارض فعلا حس بوجود الله .. عاش معاه قصه عشق بجد .. ادرك جوهر السلام المطلق , العدل المطلق , المحبه المطلقه ... جوهر الحياه الحقيقي , كل ده عاشه ابن الفارض في حضره الله .. مش يمكن الله فعلا لمس روحه .. روحه اللي كانت بتهرب من شر العالم , من محدوديه البشر , من ضعف الانساني, و بتدور علي سعاده غير محدوده , سعاده بعيده عن الكذب و الغش , سعاده مفهاش تحوصل حوالين الماده و الانا , سعاده حقيقه ! .. واخيرا لاقت ملجأها في الله .... 
.... نظريا انت ممكن تتعلق بشخص ما , و ترسم خيالات و اساطير و اوهام حوالين الشخص ده , و تتخيل ان في علاقه الحب بتجمعكوا مع بعض .. , لكن بعد فتره يطلع كل ده فشنك , ملوش اصل من الوجود و العلاقه ديه تموت مع الوقت , تطلع كنت عايش الوهم علي رأي فرويد , عشان في الاصل حبك كان قايم علي وهم ! ... اما لو حبك ده كان قايم علي علاقه حيه و متبادله , علاقه انت مدرك فعلا انه بيحبك زي ما انت بتحبه , انه معاك في اكتر من موقف , انه قريب منك اكتر مما تتخيل .. العلاقه ديه لا يمكن ابدا تموت او تضعف مع الوقت , بالعكس حتحس دايما انك دخلت في عمق جديد من المحبه , و ساعتها حتعرف بجد يعني ايه حب وهمي و حب صادق !! .... و في النهايه كلها تجارب شخصيه و مستويات مختلفه من الادراك ... بتحدد قرارات و افعال اصحابها .. و زي ما في ناس معتقده ان الأله ده وهم نفسي نتيجه عقد سيكولوجيه مكبوته .. في ناس تانيه معتقده انه هو مصدر السلام النفسي , انه جوهر الطمائنينه , انه الحياه ! و انها لما بترفع ايدها و تصلي للأله ده بتكون بتأسس رباط نفسي و جسدي و روحي مع الرحمه المنزهه , مع العدل المطلق , مع المحبه اللامحدوده و اللامشروطه .. لأن الله بالنسبه لهم هو اصل المحبه .. !

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه