" .... فانها أبعد ماتكون عن التفكير العقلانى المنطقى , وكما أن روح الفرد تخضع لتحريضات المنوم المغناطيسى الذى يجعل شخصا ما يغطس فى النوم ! ... فإن روح الجماهير تخضع لتحريضات وإيعازات أحد المحركين أو القادة الذى يعرف كيف يفرض إرادته عليها , وفى مثل هذه الحالة من الإرتعاد والذعر فإن كل شخص منخرط فى الجمهور يبتدئ بتنفيذ الأعمال الإستثنائية التى ما كان مستعدا إطلاقا لتنفيذها لو كان فى حالته الفردية الواعية والمتعقلة ... فالقائد أو الزعيم إذ يستخدم الصور الموحية والشعارات البهيجة بدلا من الأفكار المنطقية والواقعية ,, يستملك روح الجماهير .... "
من كتاب سيكولوجيه الجماهير لجوستاف لوبون
كتاب سيكولوجيه الجماهير .. اتكتب في اواخر القرن الـ 19 , و كان بيتكلم عن احوال فرنسا بعد الثوره الفرنسيه و ازاي سيكولوجيه الجماهير الثوريه اثرت في الحاله ديه ... من اهم الحاجات اللي ذكرها لوبون في كتابه , هي مراحل شحن الجماهير الثوريه بالفكر الثوري :
1- مرحله الاولي (الاغراق) : لوبون مؤمن جدا ان الفرد لازم يتم اغراقه في الشعارات و الافكار الثورييه , و هي ديه حتكون بدايه دوبان الفرد وسط الجماهير الثورييه و تشبعه بافكارهم عشان يتنقل للمرحله التانيه ,
2- مرحله التانيه (العدوي) : لوبون , شايف ان الروح الثوريه في المرحله ديه بتبقي زي العدوي , بتتنقل من فرد لفرد .. الموضوع اشبه بفيروس – مع فارق التشبيه – بس الثوري بيكون جواه فيروس الثوره و يبتدي ينقله للي حواليه و اللي بطبعهم بيستمدوا منه الفيروس ده , عشان هما بدورهم ينقلوه .. و هكذا
3- مرحله التالته (الاقتراح) : و اللي انا بسميها التجويد , نظرا ان ناس كتير بتتعدي بالشحن الثوري ده , فاعراض العدوي ديه بتختلف من واحد للتاني .. و كل واحد يبتدي يطلع ثورته علي اساس خلفيته الفكريه و الثقافيه و يحصل تنوع سلوكي الغير منظم من عدد كبير من الاشخاص يعبر علي ما يسمي بالثوره ...
لوبون في كتابه برضه اتكلم عن خصائص الزعيم او القائد اللي يقدر يقود الجموع الغفيره ديه و من اهم صفات الزعيم ده , انه يكون كاريزما و ده طبعا متمثل في الالفاظ الرنانه و الحضور الاسطوري و الشكل الساحر اللي بيتقدم بيه للجماهير ديه , و يكون طبعا صاحب تاريخ قوي او مركز عالي يسمح له انه يكون منبر لناس كتير , اراءه غير قابله للجدال عشان مجرد مناقشه اراءه ممكن يدخل الشك في فكر مؤيديه و ده طبعا يهز صوره اي قائد !! و اللي اغرب من كده ان لوبون شدد ان الزعيم لازم ميعتمدش علي العقلانيه في التعامل مع الجماهير !! .. لوبون كان مقتنع ان الجماهير معندهاش لا الوقت و لا القابليه للتعامل معاها باي شكل من اشكال المنطق او العقل , انما التعامل معاها لازم يكون يا من خلال العواطف و المشاعر .. او من خلال الوهم !! و اللي ممكن يتمثل في وهم ديني و خرافات مثيره لغرائز الانسان من قتل و جنس .. او وهم سياسي و قومي و اللعب علي نقطه نفاق الشعب و محاربه العدو الوهمي ..
"... الظاهرة التي تدهشنا أكثر في الجمهور النفسي هي التالية: أيا تكن نوعية الأفراد الذين يشكلونه وأيا يكن نمط حياتهم متشابها أو مختلفا, وكذلك اهتماماتهم ومزاجهم أو ذكاءهم فإن مجرد تحولهم إلى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية, وهذه الروح تجعلهم يحسون ويفكرون ويتحركون بطريقة مختلفة تماما عن الطريقة التي كان سيحس بها ويفكر ويتحرك كل فرد منهم لو كان معزولا, وبعض الأفكار والعواطف لا تنبثق أو لا تتحول إلى فعل إلا لدى الأفراد المنضوين في صفوف الجماهير"... "إن الجمهور النفسي هو عبارة عن كائن مؤقت مؤلف من عناصر متنافرة ولكنهم متراصوا الصفوف للحظة من الزمن, إنهم يشبهون بالضبط خلايا الجسد الحي التي تشكل عن طريق تجمعها وتوحدها كائنا جديدا يتحلى بخصائص جديدة مختلفة جدا عن الخصائص التى تملكها كل خلية ... "
من كتاب سيكولوجيه الجماهير ..
لوبون في كتابه جاوب علي سؤال مهم جدا , و هو ليه سلوك الجماهير بيكون مخيف جدا و مرعب علي عكس سلوك كل فرد فيهم في ذاته ؟؟؟ اجابه لوبون ممكن تفسر لنا ليه حوادث الاغتصاب الجماعي بتحصل في المجتمعات المتدينه بطبعها , و تفسر لنا العنف الغير مبرر اللي بيحصل في المبارايات الرياضيه اللي المفروض هدفها نبذ العنف !! ... لوبون بيقول ان الانسان بيكون محمل بكميه قهر و ظلم حبيسه جوا فكره و نفسه , مش بتنفع تظهر في حالته الفرديه لاسباب كتير , زي ان العقاب حيكون منصب عليه لوحده , زي انه مش عارف يبدأ ازاي , و زي انه مش لاقي حافز او مشجع اللي يبرر له سلوكه اللحظي ده ... اما لما يكون نفس الانسان في مجموعه كبيره , بتتوفر له كل الحاجات اللي كانت مش معاه و هو لوحده , و يبتدي يفرغ طاقته ديه في اي حاجه يلاقيها في وشه ... راجل غلبان ملوش دعوه يقول عليه جاسوس او امن دوله و يضربه ,, بنت ماشيه في حالها يعتدي عليها لاي مبرر و لو الظروف سامحه يغتصبها ,, لو ملقاش بشر يكسر عمود نور , محطه اتوبيس , انشالله يولع في صفيحه زباله !! اي حاجه يصب فيها قهره و كبته اللي عايش معاه بقي له فتره و مستني اي مناسبه عشان يخرجه ... و مفيش اي حرج علي الجماهير .. !
سنه 1969 , عالم النفس الشهير Milgram عمل تجربه عشان يشوف مدي تأثير سلوك الجماعه علي الفرد .. في البدايه جاب واحد في الشارع و خلاه يعمل كانه يبص علي حاجه بعيد و يشوف الناس اللي معاديه حتعمل ايه ... كان نسبه الناس اللي وقفت عشان تشوف الواحد اللي واقف ده بيشوف ايه , كانت 4% من مجموع الناس اللي عدت ... بعد يومين عمل نفس التجربه بس بكذا واحد واقفين بس عددهم اقل من 15 , كانت النتيجه 40% !! وقفوا يشوفوا الناس ديه بتبص علي ايه ؟! .. بعدها يومين جاب مجموعه اكبر من 15 فرد .. و ساعتها النتيجه كانت 86% !! .. و التجربه اسمها Drawing power of crowds عشان اللي حابب يدور عليها ... , الفكره ببساطه بيفسرها لنا علم النفسي و هي ان في عنصر انجذاب غير طبيعي في فكره المجموعه او الجماهير .. شعور الفرد المستمر انه عاوز يلتصق باي جماعه يستمد منهم قوه و شرعيه لتصرفاته بيخليه واقع تحت سحر المجموعه و حاسس بامان في وجوده معاهم ...
لوبون في كتابه اتكلم عن حاجات كتير جدا لا يمكن تتلخص في مقال او حتي كذا مقال , فاللي عاوز يقرا الكتاب اتفضل :
الفكره كلها ان الكتاب ده يجي من حوالي اكتر من 200 سنه .. و نظريا هو بيتكلم عن حاجات و افكار علي قد ما هي جميله و مفيده , بس برضه متقدرش تكون المرجع الاساسي في الرجوع ليها في زمن زي اللي احنا فيه ده .. بقي فيه الجماهير الرقميه اللي تختلف تماما عن جماهير لوبون !! حتي سيكولوجيه الجماهير , بقت تضم نظريات اكتر زي الـ
Deindividuation theory و الـ Convergence theory و الـ Social identity theory .. و حاجات كتير جدا في منها يختلف مع نظريات لوبون , لو عاوز تبتدي تقرا عنها هنا :http://en.wikipedia.org/
بس يمكن لو في حاجه ممكن نستشفها من كتاب "سيكولوجيه الجماهير " ان لوبون كان شايف ان الجماهير ممكن تثور , تهد , تكسر , تولع , تنتقم .. الجماهير حتي ممكن تبني مباني , مستشفيات , مدارس تصلح بنيه تحتيه او اضرار ماديه... بس اللي لا يمكن ان الجماهير تعمله انها تبني نظام جديد او تصلح فكر !! فحتي و لو الحل ابتدي من الجماهير مينفعش ينتهي غير في الفرد .. في المواطن .. في الزعيم ..!
لمقطتفات من الكتاب : http://www.goodreads.com/
مقاله مهمه : http://www.elazayem.com/
No comments:
Post a Comment