العظيم والحب من طرف احد

0


الموضوع بدأ , لما دانتي أليغييري المبدع مؤلف الكوميديا الإلهيه كان 9 سنين شاف بنت جميله في حفله أسمها بياتريس (8 سنين) , شدت انتباهه و مقدرش يشيل صورتها من عقله , لدرجة أن مرت السنين و الاتنين كبروا , بس حُبها مكانش بيفارق خياله , ده كمان سبب في تفجير طاقته الإبداعيه و الأدبيه .. و بالرغم من أنه كان بيقابلها كتير في الطرق و الشوارع إلا إن دانتي عمره ما صارحها بحبه .. في مؤرخين بيرجحوا ان الموضوع له علاقه بأسره دانتي اللي اخترت له زوجه تانيه و كان لازم يطيعهم ... فكان حبه لبياتريس حب من طرف واحد او الـ Unrequited love .. 
دانتي مش أول واحد في التاريخ يمر بالـ Unrequited love , أنما في عظماء كتير حبوا من طرف واحد زي جوته , جاين أوستن , و الفنانة الروسية ايان راند .. و غيرهم من المبدعين و الفنانين مروا بمعضُلة الحب من طرف واحد .. و ده اللي خلي الصحفية Lisa A. Phillips (ليزا أ.فيلبس ) تكتب مقالة في الواشنطن بوست تحت عنوان How unrequited love can make us more creative , عشان تناقش السبب ورا الموضوع ده ,, 
مشكلة الأنسان لما بيحب حد و الحد ده ميبادلوش نفس الإحساس بالحب .. أنه بيبتدي يصاب بغضب و كُره شديد من نفسه .. و يلوم مشاعره و عواطفه انها سببت له كم الألم و الإحباط اللي هو فيه .. و تبدي عملية الـ self-destructive behavior (سلوك تدمير الذات ) زي ما شرحت ليزا في مقالتها .. و كأنها أنتقام الأنسان من ذاته ! .. في وسط الانتقام الثوري اللي بيعمله الأنسان علي نفسه ده , و بعد ما يحاول يكسر أكتر كم في قواعده و ثوابته و يحرق أكبر قدر من ذكرياته و طموحاته .. و يكون عامل زي بيت قديم بيتهد خلاص اتجاب أرض أرض ! .. يبتدي يبني بيت جديد علي نضافه , و زي ما تكون فرصه لبناء ذاته اللي دمرها .. و هنا بداية صناعة الفنان , المبدع , العظيم ! 
ليزا بتكمل في مقالتها و بتقول ان الحب يعتبر طاقة جبارة و لازم لما يحاول الأنسان إستبدالها , يستبدلها بطاقة جباره زيها .. و اللي في وجهة نظرها مفيش أعظم من طاقة " الفن " , فالحبيب اللي أتكسر في الـ Unrequited love .. حيرجع أقوي من الأول في حبه للإبداع و الأبتكار .. فحتي علي مستوي علم النفس , المناطق اللي مسؤوله عن الرغبه و الحب في عقل الانسان بيتم تنشيطها بالإلهام و التذوق الفني .. فيعيش قصة حب مع مقطوعاته الموسيقه , يسرح في بحر العشق مع لوحاته , يطير في سما الإحتواء مع قصصه و خيالاته .. 
في رواية "نسيان . com" للأحلام مستغانمي كان ليها مقوله بتخلص أزمه الحب من طرف واحد و هي : " أيتها الحمقاء .. الحياة تنتظركِ و أنتِ تنتظريه " , و هو ده ببساطه جوهر الموضوع , ألاف ده لو ماكنوش ملاين , بيقعوا ضحايا الحب من طرف واحد و يفضلوا مساجين الـ self-destructive behavior , مش كلهم بيقوا دانتي أو حتي نُصه ! أنما بيموتوا بمضايهم , بذكرياتهم , بحبهم ! .. فمش المطلوب أبدا ان الواحد ميحبش , بس المطلوب انه لو قرر يحب , أنه يحب نفسه في الأول .. اه الموضوع في غاية الصعوبه و إلا مكنش نزار القباني قال : " مؤلم أن تتصنع الإبتعاد و أنت من الشوق تكاد تنفجر !! " .. بس بدل ما تنفجر أنتا , فجر شغفك , فجر حسك , فجر إبداعك .. كن صاحب حب صادق يستحق يتسجل في صفحات التاريخ , كن إنسان مؤهل ان قصة عشقه تعيش لألاف السنين .. ببساطة , كن عظيم .

No comments:

Post a Comment

Powered by Blogger.

About

Popular Posts

جميع الحقوق محفوظه © كيرلس بهجت

تصميم الورشه